حول الفشل الى نجاح



لن تجد في هذه الزاوية نظريات فلسفية ولا توصيات أكاديمية .. ستجد مرآة لنفسك .. لطباعك .. ستجد أفكاراً .. لشدة قربها من واقعك .. تظنها أفكارك أفكار جاهزة للتطبيق تدعوك لأن تنتقل – فوراً – نحو الأفضل .. نحو الأمثل . 

محفظة جلدية

منذ سنوات قليلة كنت مدير المشتريات لمؤسسة تعمل في استيراد ، وتسويق المستلزمات الرجالية ، وطلب مني آنذاك فتح خط جديد لاستيراد المحافظ الجلدية ، وتسويقها بسعر شعبي . 

بعد التفكير رأيت أن أفضل طريقة للحصول علي منتجات جلدية متميزة عن السوق هي رصد آخر منتجات الصناعة الجلدية العالمية ، ثم تقليد ما يمكن من موديلاتها ، فقمت بعدة زيارات للمعارض الفخمة التي تبيع أشهر العلامات التجارية من المحافظ الجلدية ، وانتقيت محفظة إيطالية رائعة من نوع ( أجنير) صحيح أن سعرها كان مرتفعاً جداً : إلا أنها تمتاز بإمكانية الاستفادة منها في ابتكار خمسة موديلات جديدة لا توجد لدي المؤسسات المنافسة . 

كان لي من شراء هذه المحفظة عدة أهداف هي : 
1- الاستفادة منها في الحصول علي موديلات جديدة لم تطرح علي المستوي الشعبي من قبل . 
2- الحصول علي نموذج متقن يساعد المصنع علي إنتاج هذه الموديلات بشكل جيد . 
3- الحصول علي نموذج يكون مانعاً لسوء التفاهم الذي يمكن أن يقع بين المؤسسة ، والمصنع ، حيث إن كثيراً من الإضافات لم يسبق لهذا المصنع تطبيقها من قبل ، ولا يمكنه فهمها بشكل واضح إذا كانت مرسومة علي الورق ، كاستدارة الزوايا ، وطريقة قص الجيوب ، وإضافة جيب مخفي لمفتاح السيارة ، ونافذة مبتكرة لرخصة القيادة . 
إن هذه الأهداف كافية جداً لأن أدفع 1000 ريال قيمة محفظة افتح بها خطاً إستيرادياً جديداً ، يتميز بموديلات جديدة ، متقنة الصنع ، وبدون مشاكل أليس كذلك ؟ 
هذا صحيح ، وبالفعل .. فقد نجحت تماماً في إضاعة 1000 ريال من صندوق المؤسسة ، وضعت نفسي في موقف لا أحسد عليه أمام المدير العام ، وأمام تعليقات زملائي الموظفين ، وأصبح حديث ذلك الأسبوع هو المحفظة التي اشتراها صالح بـ 1000 ريال فقط . 

لماذا ؟ ...أين الخطأ ؟

لقد حددت أهدافي بدقة ، وجميعها مقنعة ، وصحيحة ( كما أخبرني المدير العام ) ولكنني – للأسف – لم أحسن اختيار الطريقة الأمثل لتطبيقها . 
جاء أخي الأكبر – المدير التنفيذي – من سفره ، وقام بشراء خمس عينات من المحافظ الشعبية جيدة الصنع ، واختارها بحيث يمكن تعديل كل واحدة منها إلي أحد الموديلات المرسومة علي الورق ، ووضح الصورة تماماًُ لمندوب المصنع ، والذي ساعده عي ذلك أنه لم يطلب من المصنع ابتكار شيء جديد ، بل مجرد إضافة تعديل علي نموذج سابق من العينات الخمس . 
لم اقف عند فشلي : ففكرت في تطوير الأسلوب الذي ينبغي أن أتعامل به مع أي أمر أقدم عليه ، وبعد فترة وجيزة من هذه الحادثة صار بإمكاني الدخول في أي مشروع وأنا واثق أنني – بإذن الله – لن أفشل ، ولن أشتري محفظة أخري ، كيف ذلك ؟ 
إنها طريقة مبتكرة ، وسهلة التطبيق ، تتلخص في أربعة أسئلة أطرحها علي نفسي قبل الشروع في أي عمل ، وأعتقد أنني إذا أجبت عليها بوضوح وحياد ، فلن أصبح في يوم من طرفة يتندر بها الأصدقاء . 

1- ما هي أهدافي من هذا العمل ؟ 
2- ما هو الوقت والجهد ، والمال الذي يحتاجه هذا العمل ؟ 
3- هل توازي هذه التكلفة تلك الأهداف ؟ 
4- هل هناك طريقة أفضل يمكنني بها تحقيق نفس الأهداف ؟ 
الإجابة علي السؤال الثالث تحدد ما إذا كنت سأدخل في هذا المشروع أم لا ، والإجابة علي السؤال الرابع تحدد الطريقة المثلي لتحقيق الأهداف ، غير أن السؤال الأخير بالذات قد يحتاج أحياناً إلي استشارة أهل الاختصاص للحصول علي إجابته الصحيحة . 

وسيلة مريحة

في الساعة الواحدة ظهراً ارتفع مؤشر الحرارة في سيارتي بشكل مفاجئ حتي وصل إلي أقصي اللون الأحمر ، وأصبح صوت المحرك أشبه بأليات أعمال الطرق ! أجل عرفت ، لقد عطس المحرك عطسته الأخيرة .. وانتهي . 
عدت إلي البيت ، وأخرجت ورقة ، وقلماً ، وكتبت : أريد أن أبيع هذه السيارة ، وأشتري سيارة جديدة ، أو مستعملة بحالة جيدة . 
1- ما هو هدفي من هذا العمل ؟ 
الحصول علي وسيلة نقل مريحة ، وخالية من المتاعب . ( لاحظ أن كتابة الهدف علي الورق تجعله واضحاً ومحدداً في الذهن مما يجعلك تميز بين التصرفات التي تخدم هدفك فتنجزها ، وبين التي لا تخدمه فتلغيها من قائمة أعمالك ) 
2- ما هو الوقت ، والجهد ، والمال الذي يحتاجه هذا العمل ؟ 
يومين أو ثلاثة في سوق السيارات + 50 ألف ريال لشراء سيارة جديدة ، أو 20 ألف ريال لشراء سيارة مستعملة بحالة جيدة . 
3- هل توازي هذه التكلفة ذلك الهدف ؟ 
طبعاً ، لأنني أسير بالسيارة 100 كم يومياً علي الأقل ، ولا شك أن لدي من المتاعب منا يجعلني في غني عن أية مشكلات قد تنشأ عن شراء سيارة بأقل من هذا الثمن . 
4- هل هناك طريقة أفضل يمكنني بها تحقيق نفس الأهداف ؟ 
سألت أهل الاختصاص فقيل لي أن قيمة سيارتي المعطلة سوف تكون منخفضة جداً إذا بيعت وهي بهذه الحالة ، كما أنه يمكنني إصلاحها تماماً بمبلغ 5000 ريال فقط لتصبح ( كالعروسة ) ، وقد كان كلامهم صحيحاً إلا أن سيارتي أصبحت أجمل من ( العروسة ) : فأهديتها بهذه المناسبة خمسة إطارات جديدة . 
كان من الممكن أن أتهور ، وأندفع لشراء سيارة جديدة لست في حاجة لها، أو اشتري سيارة مستعملة لا أدري ما هي المفاجآت المخبأة تحت غطاء محركها ؛ 
غير أنني بهذه الأسئلة السهلة استطعت أن أتخذ القرار الصحيح . 

علاقات عامة

يمكنك استخدام هذه الطريقة حتي في الأمور المعنوية ، والعلاقات العامة بتعديل بسيط مثلاً .. إذا كان بينك وبين أحد الأشخاص سوء تفاهم ، وأردت إعادة علاقتك به فاسأل نفسك : 
1- ما هي أهدافي من هذا العمل ؟ 
· رضا الله عز وجل ( ملاحظة أن عودة بعض العلاقات لا يرضي الله عز وجل ) . 
· الاستعانة بهذا الشخص في أمور العمل . 
· الاستفادة من منصب هذا الشخص . 
· غير ذلك من الفوائد . 
2- ما هي الأمور التي سوف تترتب علي هذا العمل ؟ 
· قد يترتب عليه أن تخسر وقتاً طويلاً كل يوم ، أو أن تهتز علاقتك بعدد من الأشخاص ، أو غير ذلك . 
3- هل توازي هذه التكلفة تلك الأهداف ؟ 
فكر جيداً ، وكن حيادياً . 
4- هل هناك طريقة أفضل يمكنني بها تحقيق نفس الأهداف ؟ 
أبحث جيداً ؛ فقد تستطيع – ببعض الذكاء – أن تجعل الأشخاص الذين سيغضبون من عودة العلاقة بينكما هم الذين يقترحون عليك إعادة تلك العلاقة ! تأمل ما سبق بكل تفاصيله ، ثم اتخذ قرارك . 
والآن ... لكي تضمن أنك لن تشتري محفظة كالتي اشتريتها أنا ، ولن تندم علي اختيار سيارتك ، أو أصدقائك ؛ فلا تنس أن تقف للحظة .. وتكتب أربعة أسئلة .
بقلم: I Read Team