انظر إلى الفشل بإيجابية
أوبرا وينفري
تركت المتزلجة الإيطالية الشهيرة، كارولينا كوستنر، حلبة التزلج وهي مستاءة من أدائها الباهت قبل 4 سنوات في فانكوفر. وتتحدث عن ذلك بقولها: "اعتقدت أنني سأتوقف عن التزلج للأبد، وأنها نهايتي الحتمية فعلا." لكن ذلك لم يحصل، إذ بالرغم من خيبة أملها المريرة في ذلك الوقت إلا أنها اختارت أن تستمر في مسيرتها. وتضيف قائلة: "إن الأوقات الصعبة تجعلك تدرك ما تريد فعله بالضبط، وأنا سعيدة جدا لأنني أكملت مسيرتي. كما أنني فخورة بتجربة جل ما مررت به في السنوات الماضية."
وعلى الصعيد نفسه، واجه والت ديزني خلال بداياته حين كان رسام كارتون صعوبات جمة، فقد رفضه وقتئذ محررو الصحف جميعهم، بحجة أنه يفتقد إلى الموهبة الفطرية. لكن، في أحد الأيام أشفق عليه كاهن في كنيسة محلية، ووظفه ليمارس رسم الكارتون في زريبة موبوءة بالفئران تقع خلف الكنيسة. واستوحى والت ديزني شخصيته الأولى (ميكي ماوس-Mickey Mouse) من فأر صغير رآه في مكان عمله.
أما بالنسبة لأوبرا وينفري، فقد عانت من طفولة مريرة وتعرضت للإساءة أثناء ترعرعها في الميسيسيبي. وقد عملت كمراسلة لقناة تلفزيونية قبل أن تطرد منها، بحجة أنها لا تصلح للظهور على التلفاز.
كما لم تنل كارولينا كوستنر الميدالية البرونزية في مباريات سوتشي بالتشكيك بقدراتها أو بالانسحاب عندما كانت تواجهها الصعاب. ولم تصبح أوبرا وينفري واحدة من أكثر النساء تأثيرا في العالم بالسماح للآخرين بتعريفها. وما كان والت ديزني ليصبح مشهورا من خلال إيمانه بمعتقدات أولئك الذين شككوا بقدراته. وبهذا، تقدم مسيراتهم في الحياة دروسا ملهمة، تعلمك كيف تتعامل مع تحديات أحلامك ومصاعب حياتك. باختصار، لا تدع الفشل يعترض سبيلك.
وقد تشعر بأنه لا يوجد الكثير من الصفات المشتركة التي تجمعك مع كل من: كوستنر أو وينفري أو ديزني، لكن هذا ليس صحيحا؛ فهناك ما يجمعك معهم فعليا. فهم لم يولدوا وهم يتمتعون بقدرة بشرية خارقة تحميهم من الشعور بالخيبة أو التشكيك بالنفس أو الهواجس. فضلا عن أن كل واحد منهم اضطر إلى شن حرب داخلية خاصة، رافقتهم طوال رحلة كفاحهم نحو النجاح وضد الخوف، وذلك من خلال بذل مجهود كبير لتجاوز العقبات الخارجية التي رافقت حياة كل منهم. كما أن ما يميز هؤلاء الأشخاص هو أنهم لم يقبلوا بأن يكونوا ضحايا الفشل؛ إذ عندما سقطوا نهضوا من جديد، وعندما قال لهم الآخرون إنه ليس بإمكانهم إنجاز ما يسعون إليه، رفضوا الانصياع إليهم.
وإذا درست التاريخ، ستجد أن قصص النجاح العظيمة تضمنت نصرا ساحقا على المحن. لكننا غالبا ما نتغاضى عن حالات الإخفاق، ونركز على النجاح الذي تحقق في نهاية المطاف فقط. ونعتقد أن الشخص قد حالفه الحظ، ونقول:"لا بد أنه كان في الوقت والمكان المناسبين"، أو أنه كان عبقريا أو موهوبا أو لديه معارف كثر. إن هذا كلام فارغ. وحتى لو كان هذا الحديث صحيحا بشكل جزئي، يظل السبب وراء نجاح هؤلاء الأشخاص، أنهم لم يسمحوا لفشلهم بأن يحبطهم.
وقد وجد أخصائي علم النفس مارتي سيليغمان خلال إجرائه بحثا عن هذه المسألة، بأن طريقة تفسيرنا لفشلنا هي التي تحدد ما إذا كنا سننجح مستقبلا أم لا. أي أن حجم الفشل وعدد المرات التي أخفقت فيها لن يحددا نجاحك، فالذي يحدد ذلك هو كيف تترجمه، وكيف تنظر له في حياتك. وإذا أخبرت نفسك بأن فشلك سببه تقصير دائم من جانبك أو بسبب شيء لا يمكن تغييره أو إصلاحه، ستقع فريسة الانسحاب والامتعاض. أما إذا نظرت إلى الفشل بأنه سيزودك بفرص ثمينة لتتعلم منه الأمور التي يجب اتباعها والالتزام بها، فسيمكنك عندئذ الاستفادة منه للسير قدما وتحقيق التقدم بطريقة لا يمكن حتى لحالات النجاح أن تحققها. وكما قال توماس إديسون: "إذا لم تنجح التجربة بعد 10 ألاف مرة، لا أعد نفسي فشلت ولا أفقد حماستي، لأن كل محاولة فاشلة هي خطوة إلى الأمام."
وهناك أمور لا يمكنك إنجازها إلا بمفردك، وهذا لن يحدث إذا فقدت حماستك بسبب نتائج المحاولات السابقة. فأي إنجاز جدير بالاهتمام سيدعوك لتثق بنفسك أكثر، وأن تجازف باقتراف الأخطاء، وأن تسامح نفسك عليها، وتستمر في ظل الصعوبات، وترفض الاستسلام للفشل.
ويعتمد تقدم أو تأخر مسيرتك على الكيفية التي تفسر فيها فشلك؛ إذ يمكن تحويله إلى وسيلة لتحقيق النجاح إذا اخترت ذلك، أو قد يكون درسا لك لتتعلم ما الذي يجب عليك فعله أو تجنبه. كما ستصبح حالات فشلك فرصة لكي تصبح أكثر حكمة وقوة، لاسيما إن رفضت الخضوع لمشاعر لشفقة على الذات.
إن أخطاءك تعيد تشكيلك من جديد، فهي لا تمنعك من التقدم في العمل أو في الحياة العاطفية أو في علاقاتك الاجتماعية. واسأل كارولينا كوستنر عن هذا الأمر.
بقلم I Read Team